الاول من مارس ..يوم من عمري

الاول من مارس ..يوم من عمري

اليوم هو الاول من مارس لعام 2008 هو يوم مهم في حياتي ...لا اعلم لماذا اجد نفسي مجبرة على كتابة هذه الكلمات ....ولكني اكتبها ولا تكاد دمعتي تتوقف ...اشعر اني مختنقة لابعد الحدود ...هذا اليوم هو يوم لا ينسى من عمري ..ساحكي عن هذا اليوم بالتفصيل ....
الساعة الثامنة والنصف صباحا استيقضت من النوم ...لاذهب الي الجامعة ...وبالتاكيد هو يوم ملئ بالمحاضرات كالعادة ...فالمحاضرة الاولى كانت معمل الفيزياء ....وبينما انا ارتدي ملابسي انطلق صوت المسجد المجاور لينعى سقوط عشرة من الشهداء بينهم ثلاثة اطفال ....الخبر كان جدا مؤثر ..ولكن كالعادة هو الواقع الذي نعيشه ...وتعودنا على سماع تلك الاخبار .....
انطلقت الي الجامعة وذهبت الى معمل الفيزياء لاجد ان شعبتي تغيرت لتصبح يوم الاربعاء ....وطبعا ثلاث ساعات من الفراغ كانت كارثة بالنسبة لي ....وما هي الا دقائق والتقيت بصديقتي .....وبدأنا بالحديث ....ارتفع في الجامعة صوت الاستيريو بالاناشيد الاسلامية ....واعلنت تعليق الدراسة حتى اخر الدوام .....
كان والديَ سوف يذهبان لزيارة اختي فاطمة في جباليا ....فاتصلت باختي لاخبرها بذلك ....وبينما كنت اجلس مع صديقاتي اتصلت اختي وقالت لي ان اتي اليها لان والديَ عندها الان .....فركبت سيارة وذهبت الى الساحة ومن ثم الى جباليا ..وفي الطريق رأيت رجال المقاومة في كل مكان ....ولم اكن ادرك مدى خطورة الموقف .....
وصلت الى اختي بسلام .....جلسنا عندها مدة من الزمن ....وقرر ابي الذهاب الي عمتي وهي في بيت مجاور في الناحية الثانية من الشارع ....فذهب والديَ ...وقررت اختي ان تذهب معنا ...فانتظرت حتى جهزت نفسها وابنها ....
وبعد نصف ساعة تقريبا لحقنا بابي وامي ....
وهنا حدثت الواقعة
كنا انا واختي عند باب بيت عمتي ....وفجأة
صوت مدوي ...كادت أذناي ان تصما من قوته .....طائرة أف 16 قصفت منطقة مليئة بالاشجار مجاورة تماما لبيت عمتي ..لدرجة ان الدخان والغبار اعماني عن الرؤية ......وهنا مشينا انا واختي بسرعة لنطل من شباك كبير في الدور الارضي للمنزل على المنطقة التي حدث فيها القصف ولكن المنظر لم يكن واضح .....وبينما اجتمع الاطفال والرجال والنساء ليكتشفوا نتيجة القصف ...واذا بضربة ثانية تهز المكان لدرجة انى احسست بريح قوية لطمت وجهي ..وصار الاطفال يرجعون الى الوراء ويسقطون على الارض من الخوف .....ولكني لازلت لا ارى شيئا ..
وهنا لا اعرف ما حدث ...ركضت بسرعة كبيرة على سلالم المبنى لاصل الى السطح ..لا اعرف ما الذي دفعني لارى بوضوح ما حدث ....مع يقيني اني يمكن ان ارى مناظر لا استطيع تحملها .....
نظرت بتركيز الي سيارة الاسعاف الموجودة في المكان والى رجال الاسعاف .....ورايت ما الم اتوقع ان اراه على ارض الواقع ...رايت اشلاء ممزقة في كل مكان ...وكان رجل الاسعاف يدور في المكان ويلتقط قطع من اللحم من الارض ...لا اعرف ماذا حدث حينها ....كانت الدنيا تدور حولي ....لم اتخيل ان هذا الرجل يمسك في يديه قطع من لحم بشري ...كان قبل لحظات يتنفس ويمشي ويتكلم .....كان هذا الشهيد يعيش ......فقط قبل ثواني كان يتحدث مع اصحابه
ويضحك .....راح .......... ........................................................... ....................راح...........
مات...................استشهد ....................
صدمة ما زالت حتى اللحظة تتراءى لي في كل مكان ........لا اطيق منظر الدماء والجروح ......
عمتى منعت ابي من العودة الي بيتنا ....حتى يخف اثر الصدمة عني ......وبعد لحظات دوى صوت جديد ...ولكن هذه المرة كان الصوت هو صوت صاروخ للمقاومة ....الصاروخ الذي تقطع صاحبه قبل لحظات ...صارخ مؤقت لينطلق بعد لحظات من اعداده ...ولكن لم يكتب لصاحبه الحياة ليرى انجازه........
يا الله .....ما أسرع الموت ............
من بين المقاومين الذين نجوا من القصف كان احدهم يجلس في الدور الارضي ...ليحتمي من القصف .......
عندما نظرت اليه .....كان يجلس على الكرسي ...يحني ظهره ....ويضع يديه على جنبي الكرسي ...وينظر الى الارض نظرة طويلة جدا ....لم يكن يعي لما يحدث حوله ...وكأن روحه انتقلت مع صاحبه الشهيد ليرى ماذا اعد الله له ...هناك في جنان الفردوس ......
في طريق عودتنا بدأ المشهد يتكرر مرات ومرات امام عيني ........
أفكر
انسان متيقن انه ذاهب الى الموت ...ما ارخص الحياة في عينيه ........يرى ان فلسطين ....غزة .....له وحده .....انه انسان رابح ....هو في معركة لن يخسر فيها ابدا ...........فهو امام خياران كلاهما حلو
ما احلى طعم النصر ....وما اجمل احساس الظفر والانتصار على العدو.......هو يعلم ان صاروخه محدود الامكانيات ..ولكنه مؤمن بالله ..ويعلم قوله تعالى "وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى"......واعقل وتوكل .....
وفي نفس اللحظة .....ما احلى الشهادة في سبيل الله ...ثواني من الالم ...ليرث جنة عرضها السموات والارض .......
وان هي الا دنيا فانية .......والربح الحقيقي في الاخرة ..........

انا انتهيت .......كلماتي ومفرداتي لم تسعفني بشكل قوي ..لانقل هذا المشهد ........ولكن هو مشهد بسيط من فيلم يسمى
"طريق التحرير نصر او استشهاد "

تحياتي للجميع

الف سلامة عليكي احلام والف سلامة لكل من تضرر من اللي بيحصل سواء ماديا او معنويا
ربنا يحمي كل شبابنا ياااااااااارب ويسدد رميهم
كل يوم بينولد بينا شهيد
ورحمة الله بينا واسعة
الحمدلله على كل حال

هلأ كل واحد فينا بروح مدرسته او شغله او جامعته او الجامع او اي مكان وهوا حامل كفنه على كتفه ومتصور الموت أمامه وانّا نرجوها من الله شهادة يااااارب امين